بسم الله الرحمن الرحيم
سلامٌ قولاً من ربٍّ رحيم!
-أخبرتك أنك دخلت المخرج
الخطأ يا أحمق! أخبرتك أنك أضعت الطريق أيها المغفل!
=اخرس! اخرس!
-اخرس أنت! نهيتك عن
السفر ليلا وحذرتك وحذرتك؛ لكنك غبيٌّ لا تفهم، تقول لي سنصل في ساعتين وها قد
تجاوزنا الثلاث ساعات ندور في هذا الليل البهيم وليس حولنا سوى الجبال ورمال
الصحراء بل وسمعت عواء الذئاب أيضاً!
=تباً! تباً!
-ألم يكن من الأسهل أن تستمع لكلامي وتدور عائداً لننجو؟ ستوردنا المهالك بعنادك يا أغبى خلق الله!
= كفى كفى! توقف توقف! توقف عن التحدث في عقلي وكأنك أحدٌ آخر غيري! متى أكف عن التحدث مع نفسي كالمجانين! هل تريدني أن أدور عائداً في عكس الاتجاه ولا ضوء سوى كشافات السيارة! أنت تدعوني للقتل العمد لنفسي ولمن سأصدمه أو يصدمني إن فعلت ما تطلبه مني! لابد من مخرج في النهاية لا بد أن نصل لنهاية الطريق!
-السؤال هو متى؟ بعد أن ينفد الوقود؟ وهل تأمن
أن تنفجر إحدى الإطارات فتأكلك الذئاب أو تهلك عطشا داخل السيارة؟!
=قلت كفى سنصل أيها
المتشائم الغبي.. أنظر .. انظر.. بيت! بيت! مَن الحمار الذي يبني بيتاً هنا! لكن
لا بأس بإمكاني أن أسأله عن نهاية الطريق وأطلب منه زجاجة مياه بدل التي فرغت.
-لا تخرج من السيارة!
تذكر أنك سمعت عواءَ ذئابٍ منذ قليل! اقترِب بالسيارة ونادِ من النافذة؛ لا تخرج من
السيارة!
=ليس من الأدب فعل ذلك؛
سأقترب بالسيارة لكن سأترجل منها.
-أحمق! لماذا لا يستمع
لنصائحي وهو يعلم أنني هو؟ لماذا يستمع للـ هو الأحمق ويتركني أنا؟
=كفى هراء! أكاد آخذ
نفْسي إلى مستشفى المجانين بقدميّ! ربما أفكر جديّاً بزيارة طبيبٍ نفسيّ!
ها أنا تركت باب السيارة
مفتوحاً؛ خطوة للأمام.. طرقتين.. خطوة للوراء.. ها هو الباب يُفتح!
=السلام عليكم ورحمة
الله يا عم! "ما هذا! لمَ هو ضخمٌ هكذا؟ إنه يسدُّ الباب حتى إنني لا أعرف
حتى كيف خرج منه!" أ.. أ.. أسأل عن
الطريق يا عم!
# لولا سلامك سبق كلامك
لأكلت لحمك قبل عظامك! تسألني وقد نَعَتّنِي بالحمار منذ قليل! اغرب من وجهي قبل
أن أمزِّقك إِرباً لتعرف مَن هو الحمار!
قال هذا وهو يتضخم حتى
كدت أفقد وعيي وأنا أقفز كالمجنون وأنطلق عائداً بالسيّارة لا أرى أمامي بل أنظر
للخلف في مرآة السيارة لأجد هذا الشيء قد بات أطول وأضخم من البيت الذي يقف أمامه،
ثم أشار بيديه نحو سيارتي الهاربة فإذا الصخور تتطاير من الأرض وترتطم بها من الخلف
بأصوات كأصوات المدافع لكنها لا تكسر زجاجها! ثم إذا بذئابٍ لا حصرَ لها تجري بجانِبَيْ السيارة بنفس سرعتها وتعوي، وأنا أضغط دواسة الوقود حتى باتت السيارة كطائرة ولا
تزال ترتطم بها الصخور وتحاذيها الذئاب!
بدا الطريق بلا نهاية،
وبدا الزمن بلا حراك! وبدا صدري عاجزاً عن الاحتفاظ بقلبي وقد أصرت ضرباته على
القفز به خارج مَحْبَسِه! ماذا أرى هناك؟ إنه المخرج الذي دخلت منه!
..............
أفقت لأجد نفسي ممدداً
على سرير عنايةٍ مركزة وقد اتّصلت الأسلاكُ بجسدي وخرطوم التنفس بوجهي ونبضات جهاز
ضربات القلب تتراقص أمام عيني!
...................
حين استعدت شيئاً من
عافيتي أخبروني أن بعض سالكي الطريق وجدوني في سيارتي وطلبوا الإسعاف الذي أنقذني
بالكاد من أزمة قلبية كادت تدخلني قبري، وسألوني عمّا سببها لي!
كدتُ أخبرهم عن المارد
والصخور الطائرة والذئاب التي توازي سرعتها سرعة سيّارة؛ لكنّي سمعت في عقلي صوتاً
يصيح بي:
-اخرس أيها الأحمق!
والحقيقة أنني قررت أن
أمتثل له وأتناسى تماماً أمر الطبيب النفسي.. عزيزي أنا:
تكلّم كما تشاء!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليقات
إرسال تعليق