بسم الله
الرحمن الرحيم
تفسير قوله تَعَالَى: (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ)
تفسير قوله تَعَالَى: (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ *
وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذلِكَ
نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ
بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) سورة الصافات(103-107)
{فَلَمَّا أَسْلَمَا}
انْقَادَا وَخَضَعَا لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ قَتَادَةُ: أَسْلَمَ
إِبْرَاهِيمُ ابْنَهُ وَأَسْلَمَ الِابْنُ نَفْسَهُ، {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} أَيْ
صَرَعَهُ عَلَى الْأَرْضِ. قَالَ ابن عباس: أضجعه عَلَى الْأَرْضِ وَالْجَبْهَةُ
بَيْنَ الْجَبِينَيْنِ.
{وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ - قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا}
تَمَّ الْكَلَامُ هَاهُنَا ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي
الْمُحْسِنِينَ} والمعنى: إنا كما عفونا
عن إبراهيم عند ذَبْحِ وَلَدِهِ نَجْزِي مَنْ أَحْسَنَ فِي طَاعَتِنَا، قَالَ
مُقَاتِلٌ: جَزَاهُ اللَّهُ بِإِحْسَانِهِ فِي طَاعَتِهِ الْعَفْوَ عَنْ ذَبْحِ
ابْنِهِ.
{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} الاختبار الظَّاهِرُ
حَيْثُ اخْتَبَرَهُ بِذَبْحِ ابْنِهِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْبَلَاءُ هَاهُنَا النِّعْمَةُ،
وَهِيَ أَنْ فُدِيَ ابْنُهُ بِالْكَبْشِ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ قَالَ صَدَّقْتَ
الرُّؤْيَا وَكَانَ قَدْ رَأَى الذَّبْحَ وَلَمْ يَذْبَحْ؟ قِيلَ: جَعَلَهُ
مُصَدِّقًا لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَا أَمْكَنَهُ، وَالْمَطْلُوبُ إِسْلَامُهُمَا
لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وقد فعلا.
قوله: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} فَنَظَرَ إِبْرَاهِيمُ
فَإِذَا هُوَ بِجِبْرِيلَ وَمَعَهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ أَقْرَنُ، فَقَالَ: هَذَا
فِدَاءٌ لِابْنِكَ فَاذْبَحْهُ دُونَهُ، فَكَبَّرَ جِبْرِيلُ وكبّر
الكبش وكبّر إبراهيم وَكَبَّرَ ابْنُهُ، فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ الْكَبْشَ فَأَتَى
بِهِ الْمَنْحَرَ مِنْ مِنًى فذبحه، قَالَ مُجَاهِدٌ: سَمَّاهُ
عَظِيمًا لِأَنَّهُ مُتَقَبَّلٌ. وَقَالَ
الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: لِأَنَّهُ
كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ .
وَقِيلَ: عَظِيمٌ
فِي الشَّخْصِ. وَقِيلَ:
في الثواب.
..........................................................
من كتاب: (معالم التنزيل) مختصر تفسير البغوي
تعليقات
إرسال تعليق