بسم
الله الرحمن الرحيم
(نصيحة مجنون)
رُوي
أن رجلاً قال: لن
أتزوج حتى أشاور مائة رجل متزوج، فشاور تسعة وتسعين وبقي عليه واحد، فعزم أن أوّل
من يلقاه في الغد يشاوره ويعمل برأيه.
فلما
أصبح وخرج من منزله لقيَ مجنوناً راكباً قَصَبَة؛ فاغتمَّ لذلك (للعهد الذي قطعه
على نفسه)، ولم يجد بُدّاً من الخروج من عهده فتقدَّمَ إليه، فقال له المجنون:
احذر فرسي كي لا تضربك!
فقال له الرجل: "احبسْ فرسك حتى أسألك عن شيء - فأوقفه -، فقال: "إني قد عاهدتُ الله تعالى أن أستشير مائة رجل متزوج وأنت تمام المائة؛ وكنت عاهدت نفسي أن اشاور اليوم أول من يستقبلني وأنت أول من استقبلني، فإني أُريد أن أتزوج، فكيف أتزوج؟"
فقال
له المجنون: "النساء ثلاثة:
واحدة
لك..
وواحدة
عليك..
وواحدة
لا لك ولا عليك".
ثم
قال: "احذر الفرس كي لا تضربك ومضى".
فقال
الرجل: "إني لم أسأله عن تفسيره"! فلَحِقَهُ، فقال: "يا هذا؛ احبسْ
فرَسَك، فحبسه"، فدَنَا منه وقال: "فسِّر لي؛ فإني لم أفهم مقالتك".
فقال:
"أما التي لك: فهي المرأة البِكر، فقلبُها وحبُّها لك ولا تعرف أحداً غيرك إن
أحسنتَ إليها قالت هكذا الرجال، و إن أسأت إليها قالت هكذا الرجال..
وأما
التي عليك: فالثيّب ذات الولد تأخذ منك و تُعطي ولدها و تأكل مالك وتبكي على الزوج
الأول..
وأما
التي لا لك و لا عليك: فالثيّب التي لا ولد لها، إن أحسنتَ إليها قالت: هذا خيرٌ
من ذاك، و إن أسأتَ إليها قالت: ذاك خيرٌ من هذا، فإن كُنتَ خيراً لها من الأول فهي
لك وإلا فعليك".
ثم
مضى؛ فلَحِقَهُ الرجل، "فقال له ويحك! تكلمت بكلام الحكماء؛ وعمِلْتَ عملَ
المجانين!!"
فقال: "يا هذا، إن قومي أرادوا أن يجعلوني قاضياً فأبيتُ، فألحُّوا عليَّ، فجعلتُ نفسي مجنوناً حتى نَجَوْتُ منهم".
تعليقات
إرسال تعليق