بسم الله الرحمن الرحيم
حديث ومعنى
روى
البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صل الله عليه وعلى آله وسلم قال:
( تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ)
فما
معنى جهد البلاء؟
ودرك الشقاء؟
وسوء القضاء؟
وشماتة الأعداء؟
جهد البلاء: هو كل ما أصاب المرءَ من شدة ومشقة، وما لا طاقةَ له به.
فيدخل في ذلك: المصائب، والفتن التي تجعل الإنسان يتمنى الموت بسببها.
ويدخل في ذلك الأمراض التي لا يقدر على تحملها أو علاجها.
ويدخل في ذلك: الديون التي لا يستطيع العبد وفاءها.
ويدخل في ذلك: الأخبار المُنغِّصة التي تملأ قلبه بالهموم والأحزان
والنكد وتشغل قلبه بما لا يصبر عليه.
ويدخل في ذلك: ما ذكره بعض السلف من: قِلَّةُ المالِ مع كثرة العيال.
أما درك الشقاء: أي أعوذ بك أن يدركني الشقاء ويلحقني.
والشقاء ضد السعادة.
وهو دنيوي وأخروي..
أما الدنيوي، فهو انشغال القلب والبدن بالمعاصي، واللهث وراء الدنيا
والملهيات، وعدم التوفيق.
وأما الأخروي، فهو أن يكون المرء من أهل النار والعياذ بالله.
فإذا استعذت بالله من درك الشقاء، فأنت بهذه الاستعاذة تطلب من الله
ضده، ألا وهو السعادة في الدنيا والآخرة.
أما سوء القضاء: فهو أن تستعيذ بالله من القضاء الذي يسوءك ويحزنك، ولكن إن أصابك شيء مما يسوء ويحزن، فالواجب هو الصبر مع الإيمان بالقدر خيره وشره، وحلوه ومره.
ويدخل في الاستعاذة من سوء القضاء: أن يحميك الله من اتخاذ القرارات
والأقضية الخاطئة التي تضرك في أمر دينك ودنياك.
فإن من الناس من لا يُوفّق في اتخاذ القرار المناسب، وقد يجور في الحُكم،
أو الوصية، أو في العدل بين أولاده وأهله.
والأمر
الأخير في هذا الحديث، هو الاستعاذة بالله من شماتة الأعداء:
والمرء في الغالب لا يسلم ممن يعاديه، وَعَدُوُّكَ يَفْرَحُ إذا حصل
لك ما يسوءك، ويَغْتَمُّ إذا حصل لك ما يُفرِحُك، أو رأى نعمةً مُتَجَدِّدةً لك.
فأنت بهذه الاستعاذة، تسأل الله أن لا يفرح أعداؤك وحُسَّادَك فيك،
وأن لا يجعلك مَحَلَّ شماتةٍ وسُخريهٍ لهم، سواء كانت
عداوتهم لك دينية أو دنيوية.
واحرص
أن لا تكون من الشامتين، فإن ذلك من مساوئ الأخلاق، ولأن الإنسان قد يشمت بأخيه،
فلا يلبث أن يُبتَلى بمثل ما ابتلي به غيره؛ فقد
تشمت بمريض فتُبتَلى بالمرض، وقد
تشمت بفقير فَتُبْتَلَى بالفقر، بل
قد تشمت في من ابْتُلي بمعصية، فَتُبْتلى والعياذ بالله.
والمأمور به أن تسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
ففي
هذا الحديث: دليل على استحباب الاستعاذة بالله من هذه الأمور المذكورة. فينبغي
للمسلم أن يستعيذ بالله منها.
تعليقات
إرسال تعليق